تعتبر مرحلة الانتقال إلى سن اليأس، أو ما يُعرف بمرحلة انقطاع الطمث، فترة طبيعية تمر بها جميع النساء والتي تؤثر على الصحة العقلية و صحة المرأة . تبدأ هذه المرحلة عادةً في أواخر الأربعينيات أو أوائل الخمسينيات، وتستمر لبضع سنوات. رغم أن هذه الفترة ترتبط بتغيرات جسدية معروفة، مثل انقطاع الدورة الشهرية والهبات الساخنة، إلا أنها أيضًا ترتبط بتغيرات نفسية وعقلية لا تقل أهمية.
العديد من النساء يواجهن تحديات في الحفاظ على استقرارهن النفسي، نظرًا للتغيرات الهرمونية والجسدية. نادرًا ما يُسلط الضوء على التأثيرات النفسية لهذه المرحلة رغم أهميتها. لذا، سيتناول هذا المقال هذه التحديات النفسية، واستراتيجيات التعامل معها لضمان حياة صحية ومستقرة خلال هذه المرحلة.
كيف تؤثر مرحلة انقطاع الدورة الشهرية على الصحة العقلية و صحة المرأة ؟
إن التغيرات الهرمونية التي تصاحب مرحلة انقطاع الطمث تؤثر بشكل مباشر على المزاج والصحة العقلية . مع تراجع مستويات الهرمونات الأنثوية، مثل الإستروجين والبروجسترون، قد تزداد قابلية المرأة للتوتر والقلق والاكتئاب والخوف من سن اليأس
1. التقلبات المزاجية:
تؤثر التقلبات الهرمونية على الناقلات العصبية في الدماغ، مثل السيروتونين، الذي يلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم المزاج. وبالتالي، قد تواجه النساء تغيرات مفاجئة في المزاج، تتراوح بين الحزن والفرح دون سبب واضح.
2. الاكتئاب:
تزداد احتمالية الاكتئاب في هذه الفترة بسبب التغيرات الهرمونية، إلى جانب العوامل النفسية والاجتماعية المرتبطة بهذه المرحلة العمرية. النساء اللاتي لديهن تاريخ مرضي مع الاكتئاب قد يواجهن زيادة في الأعراض.
3. القلق ونوبات الذعر:
يُعزى القلق من سن اليأس إلى التغيرات الهرمونية بشكل مباشر، ويمكن أن يتسبب في نوبات ذعر، خاصة عند النساء اللواتي لديهن تاريخ مع القلق.
استراتيجيات لإدارة الصحة العقلية خلال انقطاع الدورة الشهرية
التعامل مع الأعراض النفسية لمرحلة انقطاع الطمث يتطلب استراتيجيات متنوعة، تتراوح بين العلاجات النفسية والتغيرات في نمط الحياة. إليك بعض الطرق المفيدة:
1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
يعتبر العلاج السلوكي المعرفي أحد الأساليب الفعّالة في التعامل مع الاكتئاب والقلق المرتبطين بانقطاع الطمث. يُساعد هذا العلاج النساء على فهم وتحليل الأفكار السلبية وإعادة تشكيلها بطرق أكثر إيجابية وبالتالي المحافظة على صحة المرأة .
2. العلاج الهرموني
في بعض الحالات، قد يكون العلاج الهرموني (HRT) خيارًا فعّالًا لتخفيف الأعراض النفسية والجسدية لانقطاع الطمث. يجب استشارة طبيب مختص لتحديد ما إذا كان العلاج الهرموني مناسبًا ولا يؤثر على الصحة العقلية ، بناءً على التاريخ الصحي الشخصي.
3. ممارسة النشاط البدني بانتظام
ممارسة التمارين الرياضية بانتظام يساعد في تحسين المزاج وتخفيف التوتروالمحافظة على الصحة العقلية ، حيث تعمل التمارين على زيادة إفراز الإندورفين، وهو أحد هرمونات السعادة. حتى المشي اليومي لمدة 30 دقيقة قد يُحدث فرقًا كبيرًا في الحالة النفسية.
4. التغذية المتوازنة
تلعب التغذية دورًا كبيرًا في تحسين الحالة النفسية وعدم التأثير على الدورة الشهرية . يُنصح بتناول الأطعمة الغنية بالأحماض الدهنية أوميغا-3، مثل الأسماك الدهنية والمكسرات، حيث تُساهم في تعزيز وظائف الدماغ وتحسين المزاج. كما يُنصح بتجنب الكافيين والسكريات، اللذين قد يزيدان من تقلبات المزاج.
5. تقنيات الاسترخاء والتأمل
يمكن لتقنيات الاسترخاء، مثل التأمل والتنفس العميق، أن تكون وسيلة فعالة للحد من القلق والتوتر. تُساعد هذه التقنيات على تهدئة العقل وزيادة الاسترخاء. يُمكن ممارسة اليوغا أو التأمل لمدة 10-15 دقيقة يوميًا لتحقيق نتائج إيجابية.
6. الحصول على دعم اجتماعي
من المهم أن تشعر المرأة بالدعم خلال هذه الفترة. يمكن الحديث مع الأصدقاء أو العائلة عن المشاعر والتحديات التي تواجهها. كما يُنصح بالانضمام إلى مجموعات دعم مخصصة للنساء في مرحلة انقطاع الطمث، حيث يمكن تبادل التجارب والنصائح.
نصائح إضافية لدعم الصحة العقلية
بالإضافة إلى الاستراتيجيات الأساسية، يمكن للنساء اتخاذ بعض الخطوات الإضافية لتعزيز صحتهن النفسية:
- التخطيط لممارسة هوايات جديدة:
يمكن للأنشطة المفضلة أن تكون وسيلة رائعة لتخفيف التوتر والشعور بالسعادة. - التعليم والتوعية:
فهم ما يحدث للجسم خلال مرحلة انقطاع الطمث يمكن أن يساعد المرأة على التعامل مع هذه التغييرات بثقة وهدوء. - الاهتمام بالنوم:
يؤثر النوم بشكل كبير على الحالة النفسية. يُنصح بإنشاء روتين نوم ثابت وتحسين بيئة النوم لتحقيق نوم هادئ ومريح.
إن مرحلة انقطاع الطمث تعتبر تحديًا كبيرًا للعديد من النساء، وخاصة من الناحية النفسية. ومع ذلك، من خلال الاستراتيجيات الصحيحة والدعم اللازم، يمكن للمرأة التعامل مع التحديات النفسية وتحقيق توازن صحي في حياتها. يُنصح دائمًا بالبحث عن دعم من المتخصصين في حال استمرت الأعراض النفسية بشكل مزعج. فالصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة العامة، ويجب التعامل معها بعناية وانتباه.
موقع مستشفى الكندي